بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أولا:فتوى الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله:
ما حكم تتبع المساجد طلبا لحسن صوت الإمام لما ينتج عن ذلك من الخشوع وحضور القلب ؟
الأظهر والله أعلم أنه لا حرج في ذلك إذا كان المقصود أن يستعين بذلكعلىالخشوع في صلاته ، ويرتاح في صلاته ويطمئن قلبه ؛ لأنه ما كل صوت يريح، فإذاكان قصده من الذهاب إلى صوت فلان أو فلان الرغبة في الخير وكمالالخشوع في صلاته فلا حرج في ذلك ، بل قد يشكر على هذا ويؤجر على حسب نيته ،والإنسان قد يخشع خلف إمام ولا يخشع خلف إمام بسبب الفرق بين القراءتينوالصلاتين ، فإذا كان قصد بذهابه إلى المسجد البعيد أن يستمع لقراءته لحسنصوته وليستفيد من ذلك وليخشع في صلاته لا لمجرد الهوى والتجول ، بل لقصدالفائدة والعلم وقصد الخشوع في الصلاة ،فلا حرج في ذلك وقد ثبت في الحديثالصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : أعظم الناس أجرا في الصلاةأبعدهم ممشى . رواه البخاري في ( الأذان ) برقم ( 614 ) واللفظ له ، ورواهمسلم في ( المساجد ومواضع الصلاة ) برقم ( 10 ). فأبعدهم ممشى فإذا كانقصده أيضا زيادة الخطوات ، فهذا أيضا مقصد صالح.
من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته - ابن باز عليه رحمة الله- المنشورة في رسالة :
( الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح ).
ثانيا: فتوى الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله :
يقول السائل فضيلة الشيخ : ما حكم تتبع الأئمة الذين في أصواتهم جمال، أو صوت جميل، يتتبعونهم في صلاة التراويح؟
الإجابة : أرى أنه لا بأس بذالك، لكن الأفضل أن يصلي الإنسان في مسجده، لأجل أن يجتمع الناس حول إمامهم، وفي مساجدهم، ولأجل أن لا تخلوا المساجد من الناس، ولأجل أن لا يكثر الزحام عند المسجد الذي يكون قراءة إمامه جيدة، فيحصل في هذا إرتباك، وربما يحصل في هذا أمر مكروه، ربما يأتي إنسان مثلا يتلقف إمرأة خرجت من هذا المسجد الذي فيه الجماعة كثيرة، ومع كثرة الناس وإزدحام ربما يخطفها وهي لا تشعر، إلا بعد أن يسير برهة من الزمن، لهذا نحن نرى أن الأفضل أن يبقى الإنسان مع إمامه في مسجده، لما في ذالك من حماية المسجد، وإقامة الجماعة فيه، وإجتماع الجماعة على إمامهم، والسلامة من الزحام والمشقة...
ثالثا: فتوى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
السلام عليكم هذا سائل يقول : توجد ظاهرة بين أوساط بعض الشباب الأخيار، فلأنهم يتقصدون بعض أئمة المساجد للصلاة خلفهم، ونتيجة لهذا التجمع، أصبح بعض هؤلاء الأئمة يطيلون القراءة إطالت واضحة في صلاة الفريضة، ويبالغون في وضع أجهزة المحسنات الصوتية، فهل من نصيحة لهؤلاء؟
الإجابة : هذا في الحقيقة فيه محظورات، المحظور الأول أن هذا من التذوق، تذوق الأصوات، ماهو رغبة في الصلاة، فإن له تذوق للأصوات، صوت فلان أحسن من صوت فلان، وما جاء رغبة في الصلاة وإنما جاء ليسمع الصوت فقط، الناحية الثانية، أن هذا يحملٌ بعض الأئمة على المباهاة، فإذا رأى الناس يجتمعون عليه فإن هذا يزيده إعجابا، ويزيده إعجابا في قراءته ربما يتكلف في القراءة، ويتكلف في تضخيم الصوت، وهذا يخرج العبادة أو غيرها منا وطلوعا وإستكانة لله إلى كونه مباهاةً ورياءً ولاحول ولا قوة إلا بالله، المسلون يصلون في المساجد ويحيون المساجد،وكل إنسان يصلي في المسجد القريب منه، لأجل يعمر المسجد، وأيضا هذا فيه إسائة إلى أئمة المساجد الذين يتركونهم يتركهم جيرانهم، أئمة المساجد الذين يتركهم جيرانهم ويذهبون إلى المساجد الأخرى، فهذا يحدث في نفسيت الإمام، يحدث فيها نوع من الهضم، وربما يكون في نفسه أنهم يلاحظون عليه شيء، أو أنهم يرون عليه شيء مخل بالصلاة، ويتركه الناس من أجل ذالك، فإذا رؤوا هذا يذهب وهذا يذهب وترك، هذا الإمام وهذا المسجد، قال الناس الناس فعل هذا إلا لأن الإمام فيه شيء، أو عليه ملاحظة، فينبغي للمسليمن أن يتقصدوا في هذا الأمر، وأن يتركوا عنهم المباهاة وأن تكون العبادة خالصة لوجه الله عز وجل
قَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أثَرَ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ :( لِيُصَلِّ أحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِيهِ ، وَلَا يَتَخَطَّاهُ إِلَى غيرِهِ )*رواه الطَّبَرِيُّ فِي " الْكَبِيرِ "( 12 / 370 )، وَالْهَيْثَمِيِّ فِي " الْمَجْمَعِ "( 2 / 23 ).
وَمَا ذَاكَ إلّا لِأَنَّه ذَريعَةٌ إِلَى هَجْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِيهِ ، وَإِيحَاشُ صَدْرِ الْإمَامِ ، وَإِنْ كَانَ الْإمَامُ لَا يُتِمُّ الصَّلاَةَ ، أَوْ يُرْمَى بِبِدْعَةٍ ، أَوْ يُعْلِنُ فَجَوْرًا ؛ فَلَا بَأسَ بِتَخَطِّيِهِ إِلَى غَيْرِهِ
" إعْلاَمُ الْمُوَقِّعِينَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 3 / 177 )..
*صححه الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في " صحيح الجامع " برقم ( 5456) ، وهو مخرج في " السلسلة الصحيحة " (5/ 234ـ 235) برقم (2200) .