قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [لقمان: 6]،
قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية، قال ابن مسعود في قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) قال: هو والله الغناء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخمر، والحر، والحرير، والمعازف" أخرجه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم فهو صحيح
ولفظ (المعازف) عام يشمل جميع آلات اللهو، فتحرم إلا ما ورد الدليل باستثنائه كالدف فهو مباح
وروى الترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف. فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القيان والمعازف, وشربت الخمور)). رواه الترمذي (2212). وقال: غريب، وحسنه لغيره الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (8/262)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
وروى ابن ماجة عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها, يعزف على رؤوسهم بالمعازف, يخسف الله بهم الأرض, ويجعل منهم القردة والخنازير)) رواه ابن ماجه (3263)، والبيهقي (10/221) (21517). وقال بعده: ولهذا شواهد من حديث علي وعمران بن حصين وعبد الله بن بسر وسهل بن سعد وأنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصحح إسناده ابن القيم في ((إغاثة اللهفان)) (1/509)، وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله :
عن أبي الطيب الطبري قال : ( كان أبو حنيفة يكره الغناء ، ويجعل سماع الغناء من الذنوب )
وقال ابن القيم : ( مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشدِّ المذاهب ، وقوله فيه أغلظُ الأقوال ، وقد صـرَّح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار ، والدف ، حتى والضرب بالقضيب ، وصرحوا بأنه معصية ، توجب الفسق ، وتُرَدُّ به الشهادة ، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا : إنَّ السماع فسقٌ ، والتلذذ به كفرٌ ، هذا لفظهم ) . إغاثة اللهفان (٣٤٨)
مذهب الإمام مالك رحمه الله :
عن إسحاق بن عيسى الطباع قال : ( سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء ؟ فقال : ( إنما يفعله عندنا الفـُسـّـاق ! ) تلبيس إبليس لابن القيم (٢٨٢)
وقال أبو الطيب الطبري : ( أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه وهو مذهب سائر أهل المدينة )
وقال ابن القاسم : ( سألت مالكا عن الغناء ؟ فقال : قال الله تعالى : { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ } أفحقٌ هو ؟ ) اهـ
مذهب الإمام الشافعي رحمه الله :
قال الإمام الشافعي رحمه الله : ( إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل ، ومـن استكـثر منه فهو سفيه تُرَدُّ شهادته ) الأم (٦/٢٠٩)
وقال أبو الطيب الطبري : ( وإنما جعل صاحبها سفيها لأنه دعا الناس إلى الباطل ، ومـَن دعا الناس إلى الباطل كان سفيهًا فاسقا )
وقال ابن القيم رحمه الله : ( والشافعي وقدماء أصحابه ، والعارفون بمذهبه ؛ من أغلظ الناس قولا في ذلك ) إغاثة اللهفان (٣٥٠)
وقال الإمام ابن رجب في نزهة الأسماع : ( فإذا كان الشافعي رحمه الله تعالى قد أنكر الضرب بالقضيب ، وجعله من فعل الزنادقة ، فكيف يكون قوله في آلات اللهو المطربة؟! )
وقال : ( وأما في سماع آلات اللهو فلم يحك فيه خلافا ) . وقال : ( وقد حكى أبو بكر الآجري إجماع العلماء على ذلك ) .
مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : ( سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ) . تلبيس إبليس لابن القيم (٢٨٠)
قال ابن تيمية : ( فمذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ) . الفتاوى [ج11ص576]
وقال ابن القيم : ( فليـُعلم أن الدف والشـّبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام ، عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ) . إغاثة اللهفان [ج1ص350]
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني :(إنَّ العلماء والفقهاء ـ وفيهم الأئمة الأربعة ـ متفقون على تحريم آلات الطرب اتباعاً للأحاديث النبوية ، والآثار السلفية ) . تحريم آلات الطرب (١٠٥)