وَقَالَ مَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي .
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ .
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِي الْعَام الَّذِي قُبِضَ فِيهِ .
فائدة مهمة :
كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى يأخذون القرآن على مرحلتين :
المرحلة الأولى : تسمى مرحلة السماع ، بمعنى أن يستمع القرآن الكريم كاملا من الشيخ .
المرحلة الثانية : تسمى مرحلة العرض بمعنى أن يقرأ القرآن الكريم كاملا على الشيخ .
ثم بعد مرحلتي العرض والسماع يعطى الإجازة القرآنية الصحيحة المسندة إن كان متقنا ، وإلا فلا .
ولما ضعفت الهمم صار العلماء يقتصرون على مرحلة العرض والقراءة فقط .
والعرض والسماع على ثلاث مراتب :
المرتبة الأولى : العرض والسماع .
المرتبة الثانية : العرض فقط .
المرتبة الثالثة : السماع فقط .
فمن استطاع أن يقرأ القرآن على شيخه ويستمع إلى قراءة شيخه فقد حصل < بشديد الصاد > أفضل المراتب عند السلف الصالح ، ومن اقتصر على المرتبة الثانية فبها ونعمت ، وإلا فالمرتبة الثالثة .
وفي هذه الأزمنة يستطيع القارىء أن يستمع إلى القرآن كاملا من كبار المقرئين كالمنشاوي والحصري وعبد الباسط والحذيفي والأخضر ومحمد أيوب .....إلخ .
وهي لا تعتبر إجازة صحيحة بمعناها المعتبر عند علماء التجويد لكن سماع القرآن بواسطة آلات التسجيل له فوائد كثيرة منها :
أولا : تصحيح النطق .
ثانيا : تعلم تجويد القرآن .
ثالثا : معرفة الوقف والإبتداء للآيات القرآنية من خلال تتبع قراءة المقرىء .
رابعا : تدبر القرآن .
خامسا : الأجر والمثوبة من الله .
سادسا : تطبيق السنة النبوية المعروفة والتي هي بعنوان ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) .
سابعا : مراجعة الحفظ .
قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : قراءة القرآن سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول .
قال شيخنا الفاضل المفضال عبد العزيز عبد الفتاح القارىء حفظه الله في كتابه القيم سنن القراء ومناهج المجودين : وخلاصة القول : إن هذه هي الطريقة النبوية في تلقي القرآن ، و هي التي جرت عليها عادة القراء وسنتهم وتسمى العرض والسماع ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم تلقى القرآن من جبريل مشافهة ، سماعا منه أولا كما دلت عليه آيات سورة القيامة ، وكما دل عليه بعض هذا الحديث ، وعرضا على جبريل كا هو واضح من بقية الحديث اهـ .
والختمات التي سجلت في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في غاية الإتقان والضبط والتحرير مثل ختمة الحذيفي ، والأخضر ، ومحمد أيوب ، وعبد الله بصفر ، وعماد زهير حافظ .
فحاولوا أن تطبقوا هذه السنة النبوية في هذا الشهر الكريم ، وذلك بالإستماع إلى جزء في كل يوم من كتاب الله عز وجل بواسطة المصحف الصوتي ، أو عرض القرآن على شخص متقن حفظا أو قراءة ، وسماع أو قراءة الجزء لا يأخذ أكثر من ساعة ، وقيل دائم خير من كثير منقطع .