من السُّنن المهجورة عند اللِّقاء والافتِراق
قراءة سورة العصر و التَّسليم
عن أبي مدينة الدارمي رضي الله عنه قال : ( كان الرَّجلان مِن أصحابِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم إذا التَقَيا لم يَفْتَرِقا حتى يقرأَ أحدُهُما على الآخر :
{ وَالْعَصْرِ - إنَّ الْإنْسَانَ لَفِي خُسْر } ، ثُمَّ يُسلِّم أحدُهما على الآخَرِ ) . [صحيح ، " السلسلة الصحيحة " برقم (٢٦٤٨)] .
قال العلامة المحدث الألباني رحمه الله :
وفي هذا الحديث فائدتان مما جرى عليه عملُ سلفِنا رضي الله عنهم جميعًا:
إحداهما : التسليم عند الافتراق ، وقد جاء النص بذلك صريحاً من قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم ، وإذا أراد أن يقوم فليسلم ، فليست الأولى بأحق من الآخرة " .
وهو حديث صحيح مخرج في المجلد الأول من هذه " السلسلة " برقم (١٨٣) ، وهو في " صحيح الأدب المفرد " برقم (٧٧٣/) وقد صدر حديثا ، وفي " صحيح زوائد ابن حبان " (١٩٣١) وهو تحت الطبع .
وفي معناه الأحاديث الآمرة بإفشاء السلام ، وقد تقدم بعضها برقم (١٨٤ و ٥٦٩ و ١٤٩٣) .
والأخرى : نستفيدها من الْتِزام الصحابة لها وهي قراءة سورة العصر؛ لأننا نعتقد أنهم أبعد الناس عن أن يُحْدِثُوا في الدِّين عبادةً يتقربون بها إلى الله ، إلا أن يكون ذلك بتوقيفٍ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قولًا ، أو فعلًا أو تقريرًا .
ولِمَ لَا ، وقد أثنى اللهُ تبارك وتعالى عليهم أحسنَ الثناء ، فقال : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَالْأنْصَار وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْري تَحْتَهَا الْأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } . التوبة ١٠٠
وقال ابن مسعود والحسن البصري :
" مَن كَان منكم مُتأسِّيا فلْيتأسَّ بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنهم كانوا أبرَّ هذه الأمةِ قلوبًا ، وأعمقَها عِلمًا ، وأقلَّها تكَلُّفًا ، وأقومَها هَدْيًا ، وأحسنَها حالا ، قومًا اختارهم اللهُ لصحبةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم ، وإقامةِ دينه ، فاعْرِفوا لهم فضلَهم ، واتَّبِعوهُم فِي آثارهِم ، فإنهم كانوا على الهُدى المستقيم "
[الصحيحة (١/٦) برقم ( ٢٦٣٨ ).